:

الدبة... قلب الشمال الذي احتضن الوطن

top-news
شركة شحن

كتب:محمد عباس
ملاذ الأمان ومهد العطاء في زمن المحنة عندما ضاقت الأرض على أهلها في الخرطوم، وتكاثفت سحب الحرب فوق سماء العاصمة، كانت الدبة ومعها ربوع الولاية الشمالية تفتح ذراعيها كأم رؤوم، تحتضن أبناء الوطن الهاربين من أتون النار، وتمنحهم الأمان حين افتقدوه، والحياة حين ظنوا أنها توارت خلف ركام الدمار.

 لم تبخل الدبة يوماً، فقدمت زرعها لتسد الجوع، وسقت بمائها كل عطشان لجأ إليها، لا تسأل من أين أتيت، بل تسأل: "ماذا ينقصك؟" احتضنت الشباب من الجنسين، فتفتحت أمامهم أبواب النسب، وبدأت قصص جديدة من التآلف والتكامل، صنعها الحب والانتماء.

 في أسواقها وجد التاجر رزقه، وفي مشاريعها نشط العامل، وفي مستشفياتها وجد الطبيب رسالة جديدة، وعلى أرضها أعاد المهندس رسم خارطة البناء. 

أما الحرفيون، فقد استعادوا ألقهم، وبدأوا ينسجون خيوط الأمل بأيديهم. الدبة لم تكن فقط مأوى الجسد، بل كانت ملاذ الروح، ومحراب القيم النبيلة. غرست في النازحين إليها ثقافة الريف وكرم أهله، فتعلموا أن اليد الممدودة بالعطاء لا تُرد، وأن الغريب ليس غريباً في أرض الشمال. اليوم، ونحن نعيد بناء الوطن من جديد، لزاماً علينا أن نرفع القبعات لهذا الجزء الأصيل من السودان، وأن نستلهم من أهله معاني الصبر والتكاتف والكرم. الدبة...

 ليست مجرد مدينة بل قصة وفاء وعنوان وطنية، وراية عزّ في زمن الانكسار. فلنكتب للتاريخ: إن الشمال، حين اشتد الخطب، لم يكن حجراً أصم، بل قلباً نابضاً بالكرم والبطولة... وأن الدبة، كانت ولا تزال، صوت الوطن حين يصمت الجميع.

شركة جريس لاند لخدمات الشحن المختلفة

هل لديك تعليق؟

لن نقوم بمشاركة عنوان بريدك الالكتروني، من اجل التعليق يجب عليك ملئ الحقول التي امامها *